أزمة البلديات تابع.. وزني لـ”أحوال”: سنستكمل صرف أموال البلديات الشهر المقبل
وزير المال غازي وزني لـ"أحوال": الوزارة قامت الأسبوع المنصرم بتحويل القسم الأول من أموال البلديات لعام 2018
تُعاني البلديات في لبنان من أزمات ومشاكل متعدّدة، تبدأ مع القوانين المترهلة التي تحكم عملها ولا تنتهي مع شحّ مورادها المالية، في حين أن التحديات التي تواجهها تزداد يوماً بعد يوم في ظلّ غيابٍ تام للدولة عن تحمّل مسؤولياتها. يأتي كل ذلك في ظلّ تقاعس وزارة المالية عن تسديد مستحقات البلديات من الصندوق البلدي المستقل منذ عام 2018، فضلاً عن التراجع الكبير في نسب الجباية، نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد.
وفي هذا الصدد، قال وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، لـ”أحوال” إن الوزارة قامت الأسبوع المنصرم بتحويل القسم الأول من أموال البلديات لعام 2018، أي نصف العائدات المستحقّة، والتي بلغت 227 مليار ليرة، في حين أن قيمتها الإجمالية تبلغ 460 مليار ليرة، مؤكدًا أن الوزارة في صدد التحضير لتحويل القسم المتبقي عن العام المذكور، خلال الشهر المقبل.
هل ستُشكّل هذه الخطوة بداية حل للأزمة المالية التي تُعاني منها البلديات؟
رئيس بلدية شحيم، أحمد فواز، يجزم في حديث لموقعنا أن هذه الأموال لن تُساعد البلديات على مواجهة الأزمات، اذ أن قيمتها أصبحت متدنية جداً، قائلًا: “نحن كبلدية نواجه الاستحقاقات المالية من خلال الأموال الموجودة سابقاً في حوزتنا مع الاعتماد على خطّة تقشّف شديدة، بحيث نعجز عن القيام بأي مشروع كتعبيد الطرقات أو غيرها، وإنما نقوم بدفع الأجور والمعاشات والمستحقات التي لا يمكن تأجيلها”.
مشكلة أخرى تواجه الكثير من البلديات، من بينها بلدية شحيم، وهي اقتطاع الدولة لنصف تلك الأموال لصالح شركات النفايات، علمًا أن مهمة الكنس تقع على عاتق البلديات، ما يُخفض المبلغ المحوّل بنسبة 50%. وفضلاً عن ذلك، تُعاني البلديات من حجم الأموال التي تُحدّدها الدولة لكل بلدية، اذ أنها تعتمد على عدد المواطنين المسجلين في دوائر النفوس، في حين أن البلدية تُقدّم خدماتها لجميع المقيمين الذين يتجاوز عددهم أضعاف المسجلين في بعض الحالات. ومثال على ذلك، تحصل بلدية شحيم على أموال على أساس المواطنين المسجلين والبالغ عددهم 45 ألف نسمة، في حين أن القاطنين في البلدة يتجاوز عددهم الـ60 ألف نسمة.
أزمة أموال البلديات، طالت كذلك أجور الموظفين، حيث توقّف عدد كبير من البلديات عن دفع الأجور والمعاشات، في حين لجأ بعضها الآخر الى دفع نصف راتب (راجع مقال: بلديات لبنان تتّجه نحو إغلاق أبوابها؟).
وفي السياق عينه، أشار فواز إلى أن انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أدى إلى خلق مشكلة بين البلديات والمتعهدين الذين يرفضون تقاضي مستحقاتهم وفق سعر الصرف الرسمي، مضيفًا: “كما أن بعض الوزارات كالأشغال والطاقة كانت قد لزّمت مشاريع لبعض المتعهدين، إلا أن انهيار سعر صرف الليرة دفع المتعهدين الى الانسحاب من العقود، وبالتالي لم يُستكمل إنجاز هذه المشاريع”.
من جهة أخرى، انعكس انهيار سعر الصرف على آلية عمل البلديات، فوفقاً لقانون البلديات يُسمح لرئيس البلدية صرف مبلغ 3 ملايين ليرة من خلال قرار رئاسي، دون الحاجة للعودة إلى المجلس البلدي، إلا أن المشكلة تكمن بأن قيمة هذا المبلغ تدنت جداً، حيث بات أي قرار لصرف الأموال يتخطّ هذا المبلغ، وبالتالي يحتاج الى إجتماع للمجلس البلدي مما يضعف فعالية البلدية.
إذًا، لا شكّ أن تحويل وزير المالية لأموال البلديات سيمدّها بـ”الأوكسجين” الذي يمكّنها من الاستمرار في آداء الحد الأدنى من مهامها، خصوصًا أن التحديات والمهام التي باتت تواجهها لم تعد تقتصر على الأعمال الروتينية والمشاريع التنموية فحسب، إنّما باتت تشمل مواجهات أزمة النفايات المستمرة (راجع مقال: نفايات لبنان.. الأزمة التي لا تنتهي)، إلى جانب أزمة كورونا وأزمة اللاجئين السوريين وغيرها من الأعباء، وبالتالي فإن إعادة النظر مجدداً بدور البلديات وصلاحياتها وإمكاناتها، بات حاجة ملحّة قبل أن نصل الى مرحلة إعلان عجزها عن فتح أبوابها.
مهدي كريّم